الأحد، 3 أبريل 2016

أسباب بعد الطفل العربي عن الكتب

Edit Posted by with No comments

أسباب بعد الطفل العربي  عن الكتب



يقرا الطفل الامريكي نحو 6 دقائق في اليوم ، بينما يقرأ الطفل العربي 7 دقائق في السنه . لعل هذه المفارقة الواضحة توضح لماذا يتخلف العرب بينما يتقدم الآخرون ولماذا يضل العالم العربي بعيدا عن منافسة الدول الكبرى، علما و اداءا .

إلا انه لابد من رصد مفارقة ، على الجانب الآخر من المحيط ، وهي أن الولايات المتحدة التي ينطلق منها الاحتفال العالمي للكتاب ، الذي يصادف اليوم 23 ابريل ( نيسان)، تتراجع فيها معدلات القراءة الحرة ( الاطلاعية ) بين صغار السن على نحو يعتبر مخيبا للآمال .

كما أظهرت دراسة (عادات القراءة لدى الأمريكيين ) الصادرة عن المنظمة الوقفية للفنون ( NEA) ، علما أن احد الأهداف الرئيسية التي طرحتها منظمة اليونسكو لهذا الاحتفال العالمي هو تشجيع القراءة بين الناس ، وخاصة الشباب . حيث أظهرت الدراسة أن الأطفال الأمريكيين يشاهدون التلفاز يوميا لمدة ساعتين تقريبا ، أضعاف مدة القراءة .

لكن ماذا عن حال العرب في اليوم العالمي للكتاب ؟ الأرقام تظهر هوة كبيرة بين العرب اجمع و أمريكا ، إذ يقدر ما يصدر في الوطن العربي من كتب جديدة 5000 كتاب بينما يصدر في أمريكا ما يزيد على 290 ألف كتاب جديد سنويا، و ذلك بسبب (عدم وجود كتب مشجعة ، وغياب ثقافة القراءة قبل النوم المنتشرة في العالم الغربي)، كما يقول ناشر دار اقرأ ، جمال الدين سليمان .

و من واقع خبرته التي تربو على 20 عاما و مشاهدته السنوية في معظم معارض الكتب العربية ، يرى سليمان أن الإقبال على كتاب الطفل ” بدأ يلقى رواجا ملحوظا ، لكنه يقتصر على الكتب الإبداعية التي تمتاز بموضوع جيد و عرض جذاب ” ، مضيفا أن السبب يكمن في أن ” طبيعة الطفل تميل نحو الإخراج اللافت و الموضوعات الشائقة ” .

و يرى د. مصطفى أبو سعد ، أستاذ علم النفس التربوي ، صاحب سلسلة من كتب تربية الاطفال ، أن “القراءة قبل النوم مهمة ، لأن الطفل لديه قدرة كبيرة على التخيل ، ولذا نجد الاطفال عندما نروي لهم قصة من كتاب خيالي فإنهم يندمجون و يستخدمون جميع حواسهم اثناء الإستماع الى القصة ، وهو أمر أساسي يغرس في نقس الطفل حب الكتاب و المطالعة” و يعتقد أبو سعد أن “إصطحاب الوالدين لكتب القراءة الممتعة و المجلات إلى قاعة الانتظار عن مراجعة الطبيب او اثناء السفر يشجع الاطفال على تقليد والديهم” ، لكنه حذر من ان “اجبار الاطفال على القراءة يؤدي الى نتائج عكسية ولا تأتي بأجيال تحب القراءة” .

و يقول مؤلف كتاب “القراءة الذكية” ورئيس عدد من المجموعات القراءة في دولة الكويت د. ساجد العبدلي إن السبب في عزوف الصغار في السن عن القراءة يعود الى “المنهاج التعليمية التي لا تحض على القراءة بل تركز على المادو العلمية فقط ” ، مضيفا أن “أساليب تنمية مهارة القراءة في جميع المراحل لا تتغير حتى المرحلة الثانوية و تدعوا الى الملل و عزوف الطفل عن القراءة” ، مذكرا الى ان حضارة كل الاممم “إنهارت عندما ابتعدت عن العلم و التعليم” .

و يشير الدكتور العبدلي الى ان “دور الحكومات يجب ان يبتعد عن الانشطة الاعلامية الانشائية و ايجاد برامج علمية مؤثرة في الناشئة” . و السؤال المطروح لماذا لا يقرأ العرب رغم ما لديهم من مخزون ثقافي يشجعهم على القراءة ، إذ كانت اول كلمة نزلت من القرآن الكريم فعل الأمر الشهير “اقرأ” ، فضلا عن جملة من الاحاديث النبوية مثل : “من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله لهبه طريقا الى الجنة” و “ساعة علم خير من سبعين ساعة عبادة” .

يرد على هذا التساؤل د. العبدلي ، الذي القى باللائمة على “الوالدين اللذين لا يوفرون مكتبة في البيت و يتدرجون بالقراءة لاطفالهم ، كتقديم الكتب المصورة التي تناسب اهتماماتهم ، مثلا عن الشخصيات الكارتونية التي يحبونها” ، محذرا من الأخطاء الشائعة عبر “اجبار الاطفال على قراءة مالا يحبونه ، كقراءة امور دينية محضة لا تتناسب مع مداركهم” .

أما د.طارق السويدان مؤلف ثلاثية “صناعة الثقافة” ، ومنها كتاب “الطفل القارئ” ، فيقول لـ “الشرق الاوسط” “ان امة اقراء لا تقرأ ، مرجعا السبب الرئيسي الى عدم المام الوالدين بأهمية القراءة للأطفال ، فهي تنمي اللغة بقوة ، و تهذب السلوك ، توسع مدارك التفكير و المعرفة ، و تساعد على حل المشكلات ، و كسب خبرات الآخرين ، و اكتساب المهارات ، و غرس القيم ، فضلا عن متعة الاثارة ، فخير جليس في الزمان كتاب” .

و بدا د. ابراهيم الخليفي استاذ علم النفس التربوي في جامعة الكويت و مشرف عام عدد من المدارس الخاصة متشائما . وقال انه “فاقد الامل في المدارس الحكومية” لأنها “لن تستطيع تنمية عادات القراءة لدى الاطفال لأن امين المكتبة لا يمارس دورة الحقيقي تهيئة البيئة الجاذبة للطفل في المكتبة كما يحدث في العالم الغربي” ، مضيفا ان “معظم امناء المكتبات العربية ليسوا متخصصين في علم المكتبات ، بل ربما لا يحبون القراءة اصلا!” . بينما لاحظ أن امين المكتبة في المدارس الخاصة الناجحة يدرك ما يسمى شجرة الكتب ، و التي تعرض تصنيف الكتب التي يتناسب بنائها اللغوي مع عمر الطفل ، حيث يختار افضلها للطفل و يشجعه على الاطلاع بطرق ابداعية”. يؤمن د. الخليفي ان شيئين سيحدثان “نقلة كبيرة جدا في حياة العرب” من ناحية تمنية عادات القراءة وهما “المدارس الخاصة والتجمعات الفكرية ( الوطنية او المدينة ) ، لأنهما بطيبعة الحال يحثان الافراد على القراءة والتطور”.

و في محاولة للخروج من مأزق عزوف الاجيال القادمة عن القراءة ، المنبع الاول للمعرفة تسعى جاهدة بعض الجهات العربية الفاعلة للترويج للكتاب وتقريبه الى نفوس الناشئة ، ومنها “انيس” وهو ناد للقارئ الصغير انشئ من قبل الصندوق الوقفي للثقافة والفكر في الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت . وتقوم فكرته على صندوق جميل على منزل المشتركين الاطفال من سن 7 حتى 10 يشبه صندوق الصحف يجد فيه كتابا جديدا يناسب عمره و اهتماماته .

ومنذ انطلاق المشروع ، صار يلقى اهتماما كبيرا من قبل الاطفال , وهو الاول بنوعه في الوطن العربي ، و لو تعممت فكرة “انيس” في 22 دولة عربية فربما تخرج اجيال ينطبق عليها الشعار الجميل للنادي : “رواد الغد قراء اليوم”. ويقول جمال الدين سليمان “ليس الحل بصرف اطفالنا عن التلفزيون والفيديو و الكمبيوتر و إنما الحل في ايجاد التوازن بين الكتب و هؤلاء المنافسين , و لتحقيق النجاح لابد ان يقدم الكتاب العربي بطريقة ابداعية جاذبة لعين الطفل وقلبه” . ويضيف “الكتاب مثل أي سلعة تحتاج الى حسن الترويج” .

ويبدو ان هذه الأمور هي محاولات عملية و واقعية لتهيئة اطفالنا حتى يصبحو قراء نهمين ، فالقراءة “عنوان تحضر الشعوب وتقدمها في ركب المعرفة المتسارع” على حد تعبيره . ومن يدري ربما نحتفل و أطفالنا يوما من الايام باليوم العالمي للكتاب ونحن في المقدمة .

بقلم محمد النغيمش

المصدر : موجز

0 التعليقات:

إرسال تعليق

إذا إعجبك الموضوع اترك لنا تعليك أو قم بمشاركة الموضوع بين إصداقائك لتعم الفائدة